خلال العامين الماضيين بدأت تقنية الآلات الافتراضية تلاقي قبولاً لدى المستخدم العادي خلافاً لما كانت عليه الفكرة قبل بضعة سنوات! وقد يكون من أهم أسباب هذا القبول التنوع الموجود في البرامج المجانية والتجارية والمفتوحة المصدر والتي تمكن المستخدم من تجربتها وتقييم أداءها، كما أن لقانون مور (Moore) دوراً فاعلا في ذلك، فأسعار أجهزة الحاسب في انخفاض مع زيادة ايجابية في تطورها وأدائها، مما ساهم في إمكانية تجربة برامج تحتاج لطاقة حاسوبية عالية.
وطبقا لما ذكر في موسوعة ويكيبيديا العربية فإن البيئة الافتراضية التي توفرها الآلة التخيلية تعطي (خيارات مميزة منها تمكين مديري أنظمة المعلومات بتثبيت ترقيات وتحديثات لجزء من الكمبيوتر بينما يقوم المستخدم بأداء عمله بتطبيقات وبرامج في بيئة أخرى قد تكون نظام تشغيل مختلف على سبيل المثال. تسرّع هذه التقنية تحميل ملفات نظام التشغيل في حال حدوث خلل في النظام القديم، مع إمكانية التخلي عن النظام ككل واستبداله بنظام آخر بديل موجود مسبقا، كما أن البيئة الافتراضية تخفف تكاليف الشركات المتخصصة باستضافة مواقع الإنترنت).
إلا أن الآلة التخيلية قد تكون للبعض صندوقا أسود لا يعلم ما بداخله وبالتالي يعيقه من محاولة تجربته، وفي هذا التقرير سنتناول بشيء من الاختصار نشأة الآلات التخيلية وتعريفها وكيفية عملها ثم سنتطرق لفوائدها وشروط تشغيلها لتعمل بكفاءة، وأخيرا نختتم المقالة بذكر أمثلة لبرامج مجانية وأخرى مفتوحة المصدر لآلات افتراضية.
نظرة تاريخية وتعريف
يعود تاريخ الآلات التخيلية (Virtual Machines) إلى بدايات عام 1956م أي قبل أكثر من 40سنة، حينما حاول مجموعة من الباحثين في مختبرات شركة IBM من محاولة قياس كفاءة عدد من الأوامر البرمجية وذلك بتقسيمها إلى وحدات صغيرة وتنفيذ كل واحدة على حدة في بيئة معزولة، وبعد نجاح هذه التجربة بدأ مفهوم الآلة التخيلية ينتشر بسرعة بين أوساط الأكاديميين والشركات المهتمة، نظرا للحلول العملية التي تقدمها فكرة الآلة التخيلية.
بعدها توالت تطوير فكرة الآلة التخيلية لتشمل كل ما يمكن تنفيذه في بيئة مغايرة لبيئته الأصلية ويتضمن ذلك لغات البرمجة والتطبيقات ونظم التشغيل المتنوعة.
وللآلة التخيلية عدة تسميات باللغة العربية منها الآلة الوهمية والآلة الافتراضية والجهاز الافتراضي وغيرها. وعرفت موسوعة ويكيبيديا الآلة الافتراضية على أنها (برنامج حاسوب يقوم بخلق بيئة افتراضية تقع بين مستخدم الجهاز ومنصة التشغيل بحيث يستطيع المستخدم تشغيل البرامج المختلفة بدون الحاجة لوضع احتياجات كل منصة تشغيل في الحسبان. وأشهر الآلات الافتراضية الموجودة حاليا هي آلة جافا الافتراضية والتي تسمح بتشغيل البرامج المكتوبة بلغة الجافا على مختلف نظم التشغيل والأجهزة مثل الحواسيب العادية والهواتف الجوالة).
كيف تعمل الآلة التخيلية
تختلف طريقة عمل الآلة التخيلية حسب بيئة عملها فهناك الآلات تخيلية تحاكي عمل القطع العتادية (Hardware) للجهاز وتسمى هذه الطريقة (virtualization)، وهناك الآلات تخيلية للتطبيقات ومن أشهرها آلة جافا الافتراضية.
وفي كلتا البيئتين يتم تكوين طبقة تفصل الآلة التخيلية عن النظام المضيف وقطع الحاسب الفعلية، هذه الطبقة الافتراضية تنظر لنظام التشغيل المضيف وجهاز الحاسب كقطعة واحدة وتتعامل معها كما لو كانت كلها طبقة عتادية، بهذه الطريقة يمكن للآلة التخيلية أن تصيغ عددا من الأوامر التنفيذية الافتراضية الخاصة بالعتاد للوصول لموارد النظام الفعلية.
متطلبات تشغيل الآلة التخيلية
من المهم عند تشغيل الآلة التخيلية الاهتمام بمواصفات الجهاز الذي سيركب عليه البرنامج، وفيما يلي سرداً للمواصفات الدنيا والتي بدونها لا يمكن أن تعمل الآلة التخيلية بكفاءة فأولها ذاكرة رام لا تقل عن 512ميجابايت ومن الأفضل أن يكون 1جيجابايت أو أكثر، أما المواصفة الثانية فهي قرص صلب بمساحة فارغة لا يقل عن 10جيجابايت، والثالثة محاولة تجنب تشغيل برامج تستهلك موارد النظام عند تشغيل الآلة الافتراضية، مثل برامج الحماية والجدر النارية وغيرها.
برامج الآلات التخيلية
عند البحث في الانترنت عن كلمة آلة تخيلية ستخرج لك مئات النتائج من شركات ومواقع توفر برامج الآلة التخيلية، غير أنه من الضروري التمييز بين البرامج المجانية المحدودة الوظائف والبرامج التجارية والبرامج مفتوحة المصدر.
الآلات تخيلية تجارية ومجانية
قد تكون أشهر آلة تخيلية مطروحة مجانا هو برنامج VMWare Player من شركة VMWare الرائدة في هذا المجال، وكون الآلة التخيلية مجانية يعني أنها محدودة الوظائف ولا يمكن بواسطتها عمل الآلات تخيلية لتطبيقات أو نظم تشغيل ما لم يتوفر لديك النسخة الكاملة من البرنامج والذي يقدر سعره بحوالي 80دولاراً للاستخدامات الشخصية.
كما يمكن الاستفادة من مخزن الموارد (Virtual Appliance) في موقع الشركة للحصول على أنظمة تشغيل وتطبيقات جاهزة للعمل في بيئة VmWare مباشرة من دون الحاجة لإعدادها.
كما أن لشركة مايكروسوفت مساهمتها في هذا المجال ببرنامجها Virtual PC والذي طرحتها كنسخة كاملة مجانا يمكن تحميلها من موقعهم على شبكة الإنترنت.
الآلات تخيلية مفتوحة المصدر
ما إن تذكر تقنية الآلات التخيلية إلا ويذكر معها عدد من البرامج المفتوحة المصدر في هذا المجال ومن أشهرها برنامج QEMU وبرنامج plex86 وبرنامج VirtualBox. تتفق هذه البرامج بإمكانية محاكاة عدد كبير من المعالجات بمعنى أن بعضا منها يستطيع العمل على أي نظام تشغيل سواء كان ويندوز أو ماكنتوش أو حتى لينكس وعلى أي طاقم من الشرائح الحاسوبية (Chipset).
فوائد استخدام الآلة التخيلية
بعد هذا الشرح المبسط لإمكانيات الآلة التخيلية وكيفية عملها، ربما تساءل البعض، ماذا أستفيد أنا كمستخدم عادي من الآلة التخيلية؟
تتعدد فوائد استخدام الآلة الافتراضية ما بين فوائد أمنية وأخرى تعليمية وثالثة بحثية، غير أن العامل المشترك بين كل هذه العوامل هو توفر بيئة افتراضية داخل بيئة فعلية لتسهيل الوصول لموارد الجهاز بمعزل عن النظام المضيف.
فمن الفوائد التعليمية لاستخدام الآلات الافتراضية والتي لمستها خلال التعامل معها في هذا الفصل الدراسي هو أنني تمكنت عن طريق استخدامه توفير بيئة لينكس لجميع طالبات مادة نظم التشغيل من دون الدخول في معمعة تنصيب نظامين تشغيل في نفس الوقت.
أما الفوائد الأمنية فتكمن أهميتها في إمكانية تشغيل المستخدم لأي برنامج ضار وتجربة تأثيره من دون المساس بنظام التشغيل الأصلي.
أما الفوائد البحثية فهي لا حصر لها وقد تكون من أهمها تجربة التعديل على نظام تشغيل وتطويره من داخل نظام تشغيل آخر من دون الخوف من تأثير هذه التعديلات على جهازك.